الاختيار من مذاهب علماء الأمصار من بداية كتاب الطلاق إلى مسألة: الكنايات في الطلاق تأليف السيد عماد الدين: يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد المتوفى سنة (1035-1099هـ) دراسةً وتحقيق

المؤلفون

  • خولة حمد خلف الزيدي جامعةجامعة ديالى
  • عبد الله ثابت علي القفيلي جامعة منيسوتا الإسلامية -أمريكا

الكلمات المفتاحية:

مخطوط، تحقيق، الطلاق، يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد، الاختيار من مذاهب علماء الأمصار

الملخص

كان العلامة يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد من أبرز الشخصيات العلمية في أسرة آل القاسم، ورغم أنه كان يحتل هذه المكانة العلمية والأسرية إلا أنه لم ينل اهتماماً من قبل أصحاب التراجم، وخصوصا من ألّف في تراجم الزيدية أو في أعيان اليمن في العصر الحادي عشر، فما بعده. ومن الملاحظ أن " ابن أبي الرجال (ت: 1092هـ) " صاحب كتاب " مطلع البدور، مجمع البحور" كان معاصراً له، وقد ترجم لأعلام القرن الحادي عشر لكنه أغفل ذكر العلامة يحيى بن الحسين. قال الشوكاني في البدر الطالع عند الترجمة ليحيى بن الحسين: " ولم أجد له ترجمة أستفيد منها تاريخ مولده أو موته على اليقين، أو شيئاً من أحواله، بل أهمل ذكره أهل عصره فمن بعدهم"( ). وهذا بالتأكيد يدفع القارئ للسؤال عن سبب هذا الإهمال الذي حصل من أهل ذلك العصر فمن بعدهم تجاه المؤلف؟ ولعل أهم تلك الأسباب هو ما ذكره الشوكاني حيث قال: "ولعل سبب ذلك هو ميله إلى العمل بما في أمهات الحديث ورده على من خالف النصوص الصحيحة( )". ضف إلى ذلك وضوح موقفه من الأئمة، ونقد سياستهم، ومعارضتهم في اعوجاجهم، ومكاتبتهم بخصوص ذلك محاولاً النصح في حين تبرير هذه الأخطاء من قبل بعض العلماء المقربين من الأئمة، ومجاراتهم في ذلك

المراجع

( ) و إكمالاً لما بدأه الأستاذ المساعد الدكتور عبد الله ثابت بن علي القفيلي الأستاذ في الجامعة الإسلامية منيسوتا الأمريكية؛ حيث إنه قام بتحقيق المخطوط من بداية الكتاب إلى كتاب النكاح فكان هذا المنهج هو نفس ما اتبعه الدكتور عبد الله القفيلي في تحقيق المخطوط من بدايته إلى كتاب النكاح، لتتوحد الطريقة ولنكمل ما بدأه سوية إلى نهاية المخطوط بالاتفاق. وقد بدأنا انجاز ذلك العمل بحمد الله لإخراجه إلى النور كاملا مكتملا في القريب العاجل إن شاء الله تعالى.
( ) ينظر: البدر الطالع: محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ)، دار المعرفة– بيروت. (1/288).
( ) المرجع السابق (1/288).
( ) ينظر: طبقات الزيدية الكبرى لإبراهيم بن القاسم)، إبراهيم بن القاسم مؤسسة الإمام زيد بن على الثقافية، تحقيق: عبد السلام الوجيه، ط: الأولى، ت:1421هـ-2001م،(3/1220).
( ) ينظر: البدر الطالع (1/241).
( ) ينظر: تحقيق: (تقريب الأحكام ليحيى بن الحسين) رسالة دكتوراه، للدكتور: أحمد عبد الوهاب العمري (1/11)، صادرة عن جامعة صنعاءـ كلية الآداب، قسم الدراسات الإسلامية. لم تنشر بعد: (1/31).
( ) ينظر: نشر العرف لنبلاء اليمن بعد الألف لمحمد بن محمد زبارة (3/332)، دار الآداب ـ لبنان-بيروت، 1405هـ/1985م.
( ) ينظر: الأعلام للزركلي، خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الزركلي الدمشقي (المتوفى: 1396هـ)، دار العلم للملايين، ط: الخامسة عشر - أيار / مايو 2002 م. (8/143)
( ) مخطوط.
( ) ينظر: بهجة الزمن ليحيى بن الحسين (1/398) ، ليحيى بن الحسين بن القاسم، تحقيق: أمة الغفور الأمير، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، اليمن ـ صنعاء، ط: 1، ت: 1429هـ/2008م.
( ) ينظر: تحقيق "تقريب الأحكام" للعمري (1/33).
( ) ينظر: البدر الطالع (1/288).
( ) ينظر: بهجة الزمن (1/245).
( ) يقصد نفسه، والأحرف هي: بهجة الزمن.
( ) ينظر: بهجة الزمن ليحيى بن الحسين(1/358).
( ) المرجع السابق (1/320).
( ) ينظر: تحقيق "تقريب الأحكام" للعمري (1/36).
( ) حصن من أمنع حصون اليمن مشهور يقع في بلاد الأهنوم التابعة إداريا لمحافظة عمران، ويقال له حصن الأمير يقع في الجهة الشمالية الغربية من صنعاء، وفيه سبعة مساجد دون الجامع الكبير، وفيه برك ماء وعين تسمى المقل. ينظر: مجموع بلدان اليمن وقبائلها ، المؤلف: محمد بن أحمد الحجري اليماني،تحقيق: إسماعيل الأكوع، مكتبة الإرشاد ـ صنعاء، ط3(1425هـ ـ 2004م) (2/95، 96).
( ) ينظر: تحقيق "تقريب الأحكام" للعمري (1/35).
( ) ينظر: بهجة الزمن ليحيى بن الحسين (1/400).
( ) ينظر: تحفة الأسماع والأبصار (1/180)، مطهر الجرموزي، تحقيق: عبد الحكيم الهجري ـ مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية ـ صنعاء، ط: الأولى، ت: ( 1423هـ / 2002م)..
( ) ينظر: طبقات الزيدية الكبرى 3/1220 رقم (777).
( ) ينظر: البدر الطالع (2/328).
( ) ينظر: المصدر السابق 3/334.
( ) اسم الكتاب: غاية السؤل في علم الأصول وقد شرح الكتاب المؤلف نفسه وله شروح آخرى منها: شرح عبد الرحمن بن محمد الجحافي. مخطوط.
( ) ينظر: البدر الطالع (1/265).
( ) ينظر: المرجع السابق (2/556، 559).
( ) ينظر: البدر الطالع (1/379).
( ) ينظر: بهجة الزمن ليحيى بن الحسين (2/575).
( ) ينظر: حاشية طبقات الزيدية الكبرى لإبراهيم بن القاسم (3/1221).
( ) ينظر: طبقات الزيدية الكبرى (3/1222).
( ) ينظر: بهجة الزمن ليحيى بن الحسين (3/1292).
( ) جميع الآثار والمصنفات ليحيى بن الحسين ذكرت في: هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين (2/533)، إسماعيل بن محمد أمين بن مير سليم الباباني البغدادي (ت: 1399هـ)، ط: وكالة المعارف الجليلة في مطبعتها البهية استانبول ت: 1951 أعادت طبعه بالأوفست: دار إحياء التراث العربي بيروت – لبنان، أعلام المؤلفين الزيدية (ص1111-1118)، عبد السلام الوجيه، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، عمَّان، ط: بدون، ت: 1420ه-1999م، الأعلام للزركلي (8/142).
( ) عبد الكريم بن عبد الله بن محمد، من نسل المنصور بالله القاسم بن محمد، أبو طالب الحسني اليمني الروضي:ولد سنة 1224هـ مفسر، من محدثي الزيدية باليمن،هاجر إلى بلاد صعدة ونسخ كثيرا من الكتب بخطه، من آثاره: "التحفة" في التفسير، و"العقد النضيد في الأسانيد"، توفي سنة (1309هـ) يظر: الأعلام للزركلي (4 /52).
( ) ينظر: البدر الطالع (2/328).
( ) ينظر: معجم المؤلفين ، عمر بن رضا بن محمد راغب بن عبد الغني كحالة الدمشقي (المتوفى: 1408هـ) مكتبة المثنى - بيروت، دار إحياء التراث العربي بيروت، ط: بدون، ت: بدون. (3/192)
( ) ينظر: هدية العارفين (2/533).
( ) خير الدين محمود الزركلي مؤرخ دبلوماسي شاعر، من دمشق صاحب الأعلام، من آثاره: الأعلام و"الملك عبد العزيز في ذمة التاريخ" وديوان الزركلي وصفحة مجهولة من تاريخ سورية في العهد الفيصلي والإعلام مما ليس في الأعلام، توفي سنة (1396هـ). ينظر: تكملة معجم المؤلفين (ص: 177)، محمد خير رمضان يوسف، دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، ط: الأولى، ت: 1418 هـ-1997م.
( ) ينظر: نشر العرف (2/855).
( ) ينظر: طبقات الزيدية الكبرى رقم (28).
( ) ينظر: البدر الطالع (2/97) في ترجمة ابنه محمد.
( ) ينظر: هدية العارفين (1/32) والزركلي، الأعلام (1/80)، معجم المؤلفين (1/127).
( ) ينظر: طبقات الزيدية الكبرى )3/1221)، نشر العرف (2/855).
( ) الطلاق في اللغة: من مادة طلق: الطاء واللام والقاف أصل صحيح مطرد واحد، وهو يدل على التخلية والإرسال.
أما في الاصطلاح فهو: رفع قيد النكاح في الحال أو المآل بلفظ مخصوص أو ما يقوم مقامه. ينظر: معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس القزويني الرازي (ت: 395هـ)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، ط: دار الفكر، ت: 1399هـ - 1979م. الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار، محمد بن علي بن محمد الحِصْني المعروف بعلاء الدين الحصكفي الحنفي (ت: 1088هـ)، تحقيق: عبد المنعم خليل إبراهيم، دار الكتب العلمية، ط: الأولى، ت: 1423هـ- 2002م.
( ) اتفق الفقهاء على مشروعية الطلاق في المشاققة وحصول الضرر للزوجين أو لأحدهما، واستدلوا على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة والاجماع، منها:
• قوله تعالى: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} (سورة البقرة آية 239).
• وما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، عن ابن عمر، أنه طلق امرأته، وهي حائض في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مره فليراجعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلق لها النساء»
• وإجماع المسلمين؛ فليس في النهي عنه ولا في المنع منه خبر ثابت. وممن نقل الإجماع: الماوردي، وابن حزم، وابن قدامة وغيرهم. ولكن اختلف الفقهاء في الأصل في الطلاق في حال استقامة الحياة الزوجية: فمذهب الشافعية، والحنابلة، وقول للمالكية: أنه يكره الطلاق من غير حاجة، وقال الحنفية: بحظره وفي رواية أخرى عن الحنابلة أيضا.
ينظر: الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري (7/ 41)، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي (ت: 256)، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، ط: الأولى، ت: 1422ه، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم = صحيح مسلم (2/ 1093)، مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري ( ت: 261هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ط: بدون، ت: بدون. مراتب الإجماع (ص: 71) مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (ت: 456هـ)، دار الكتب العلمية – بيروت، ط: بدون ت: بدون. الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي (10/ 111)، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ) تحقيق: الشيخ علي محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط: الأولى، ت: 1419 هـ -1999 م. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (3/ 97)، علاء الدين، أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني الحنفي (ت: 587هـ)، دار الكتب العلمية، ط: الثانية، ت: 1406هـ - 1986م. الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (3/ 227)، ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي (ت: 1252هـ)، دار الفكر-بيروت، ط: الثانية، ت: 1412هـ - 1992م. التبصرة للخمي (6/ 2597)، علي بن محمد الربعي، أبو الحسن، المعروف باللخمي (ت: 478 هـ) دراسة وتحقيق: الدكتور أحمد عبد الكريم نجيب، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، ط: الأولى، ت: 1432 هـ - 2011 م. حاشية الصاوي على الشرح الصغير (2/ 535)، بلغة السالك لأقرب المسالك المعروف بحاشية الصاوي على الشرح الصغير (الشرح الصغير هو شرح الشيخ الدردير لكتابه المسمى أقرب المسالك لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ) أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي، الشهير بالصاوي المالكي (المتوفى: 1241هـ)
دار المعارف، ط: بدون، ت: بدون، أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» (2/ 137)، أبو بكر بن حسن بن عبد الله الكشناوي (المتوفى: 1397 هـ)، دار الفكر، بيروت – لبنان، الطبعة: الثانية. البيان في مذهب الإمام الشافعي (10/ 78)، أبو الحسين يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني الشافعي (المتوفى: 558هـ) تحقيق: قاسم محمد النوري، دار المنهاج – جدة، ط: الأولى، ت: 1421 هـ- 2000 م. أسنى المطالب في شرح روض الطالب (3/ 263)، زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري، زين الدين أبو يحيى السنيكي (المتوفى: 926هـ)، دار الكتاب الإسلامي، ط: بدون، ت: بدون. المغني لابن قدامة (7/ 363)، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قدامة المقدسي (ت: 620هـ)، الناشر: مكتبة القاهرة، ط: بدون، ت: بدون. الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (8/ 429)، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي الحنبلي (المتوفى: 885هـ)، الناشر: دار إحياء التراث العربي، ط: الثانية – ت: بدون.
( ) قسم الفقهاء الطلاق إلى أربعة أنواع تختلف بحسب النظر إليه:
الأول: من حيث الصيغة المستعملة فيه على نوعين: صريح وكنائي. فالصريح: هو أن يطلق زوجته بلفظ لم يستعمل إلا في الطلاق لغة أو عرفا. والكنائي: هو ما كان بلفظ لم يُوضع له واحتمله هو وغيره. مثل: أنت بائن، أنت خلية، أنت حرة، أمرك بيدك، اختاري، ونحوها من الألفاظ. على الخلاف في بعض الألفاظ كالفراق والسراح وغيرها.
الثاني: من حيث الأثر الناتج عنه على نوعين: رجعي وبائن، والبائن على نوعين: بائن بينونة صغرى، وبائن بينونة كبرى. فالرجعي هو: هو الذي لا يحرِّم الوطء في العدّة وذلك بلفظ الصريح واحداً أو اثنين من غير لفظ الشدة والبينونة. فيجوز معه للزوج رد زوجته في عدتها من غير استئناف عقد. والبائن هو: هو الطلاق المُحرِّم للوطء ودواعيه.
الثالث: ومن حيث صفته على نوعين: سني وبدعي. فالسني: ما وافق الكتاب والسنة في الصفة والطريقة. لقوله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق: 1]. وحديث ابن عمر الذي ذكرناه عند الكلام عن مشروعية الطلاق: «مره فليراجعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلق لها النساء» متفق عليه. وهذا المقصود بالسني أن يوافق الطريقة التي جاءت بها الشرعية للطلاق. والبدعي: ما خالف الكتاب والسنة في صفة إيقاعه.
الرابع: من حيث وقت وقوع الأثر الناتج عنه على ثلاثة أنواع: منجز، ومعلق على شرط، ومضاف إلى المستقبل. فالمنجز: هو الطلاق الذي لم يضف إلى وقت ولم يعلق على شرط، كقوله: أنت طالق، أو اذهبي إلى بيت أهلك، ينوي طلاقها. والطلاق المضاف: هو الطلاق الذي قرنت صيغته بوقت بقصد وقوع الطلاق عند حلول ذلك الوقت، كقوله: أنت طالق أول الشهر القادم، أو آخر النهار، أو أنت طالق أمس. والطلاق المعلق على شرط: هنا هو ربط حصول مضمون جملة بحصول مضمون جملة أخرى سواء أكان ذلك المضمون من قبل المطلق أو المطلقة أو غيرها، أو لم يكن من فعل أحد.
ينظر: التعريفات الفقهية (ص: 185،137،136،128)، محمد عميم الإحسان المجددي البركتي، دار الكتب العلمية (إعادة صف للطبعة القديمة في باكستان 1407هـ - 1986م) ط: الأولى، ت: 1424هـ - 2003م. الهداية في شرح بداية المبتدي (1/225)، علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني المرغيناني، أبو الحسن برهان الدين (ت: 593هـ)، تحقيق: طلال يوسف، دار احياء التراث العربي - بيروت – لبنان، ط: بدون، ت: بدون. فتح القدير للكمال ابن الهمام (4/ 5،3)، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام (ت: 861هـ)، ط: بدون، ت: بدون. الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (2/ 378)، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي (ت: 1230هـ)، دار الفكر، ط: بدون، ت: بدون. منهاج الطالبين وعمدة المفتين (ص: 230)، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت: 676هـ)، تحقيق: عوض قاسم أحمد عوض، دار الفكر، ط: الأولى، ت: 1425هـ/2005م. نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (6/ 441)، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة شهاب الدين الرملي (المتوفى: 1004هـ)، الناشر: دار الفكر، بيروت، ط: ط أخيرة، ت: 1404هـ/1984م. المغني لابن قدامة (7/ 365، 397)، كشاف القناع (5/260)، منصور بن يونس بن صلاح الدين ابن حسن بن إدريس البهوتى الحنبلى (ت: 1051هـ) الناشر: دار الكتب العلمية، ط: بدون، ت: بدون.
( ) باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة. ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (3/ 30)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (3/ 344)، شرح مختصر خليل للخرشي (4/ 36)، محمد بن عبد الله الخرشي المالكي أبو عبد الله (المتوفى: 1101هـ)، دار الفكر للطباعة – بيروت، ط: بدون. الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (2/ 370)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير = بلغة السالك لأقرب المسالك (2/ 550)، روضة الطالبين وعمدة المفتين (8/ 6)، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت: 676هـ) تحقيق: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت- دمشق- عمان، ط: الثالثة، ت: 1412هـ / 1991م. مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (4/ 504)، شمس الدين، محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي (ت: 977هـ) دار الكتب العلمية، ط: الأولى، ت: 1415هـ - 1994م. المغني لابن قدامة (7/ 423)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (9/ 59).
( ) ينظر: نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (6/ 450)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (9/ 59).
( ) ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (3/ 132)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (3/ 345،344)، شرح مختصر خليل للخرشي (4/ 36)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (2/ 370)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير = بلغة السالك لأقرب المسالك (2/ 550).
( ) هذه المسألة ما يعبر عنها أحيانا: (بالعصمة). فهل يصح أن تكون بيد المرأة، فأكثر الفقهاء أن إنهاء العصمة بالطلاق حق للرجل ولا يصح من المرأة إلا بتفويض من الرجل، وهذا التفويض إما أن يكون قبل النكاح أو بعده، فأما قبل النكاح: فلا يصح عند جمهور الفقهاء، إلا أن فقهاء الحنفية نصوا على: أن الرجل إذا نكح المرأة على أن أمرها بيدها صح إذا ابتدأت المرأة فقالت: زوجت نفسي منك على أن أمري بيدي أطلق نفسي كلما شئت، فقال الزوج: قبلت. جاز النكاح ويكون أمرها بيدها، أما لو بدأ الزوج فقال: تزوجتك على أن أمرك بيدك فإنه يصح النكاح ولا يكون أمرها بيدها؛ لأن التفويض وقع قبل الزواج. وأما التفويض بعد النكاح: فذهب الفقهاء إلى أنه يجوز أن يفوض الرجل امرأته في تطليق نفسها منه، فيكون لها حق التطليق، أي حل عقدة النكاح وإنهاء العصمة. ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (3/ 17)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (2/ 259)، عثمان بن علي بن محجن البارعي، فخر الدين الزيلعي الحنفي (ت: 743 هـ)، الحاشية: شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن يونس بن إسماعيل بن يونس الشِّلْبِيُّ (ت: 1021 هـ)، المطبعة الكبرى الأميرية - بولاق، القاهرة، ط: الأولى، ت: 1313 هـ (ثم صورتها دار الكتاب الإسلامي ط2). الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (3/ 329)، التبصرة للخمي (4/ 1870)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (3/ 446)، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي، المعروف بالحطاب الرُّعيني المالكي (ت: 954هـ)، دار الفكر، ط: الثالثة، ت: 1412هـ - 1992م. الحاوي الكبير (10/ 172)، روضة الطالبين وعمدة المفتين (8/ 48)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (8/ 23)، أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي (ت: 974هـ)، روجعت وصححت: على عدة نسخ بمعرفة لجنة من العلماء، المكتبة التجارية الكبرى بمصر لصاحبها مصطفى محمد، ط: بدون طبعة، ت: 1357 هـ - 1983 م. المغني لابن قدامة (7/ 403). كشاف القناع عن متن الإقناع (5/ 254).
( ) عند الحنفية ويتخير منهن، من شاء. وعند الشافعي: فإن قصد واحدة أو أكثر بعينهن، فهن المطلقات، وعليه بيانه. وإن أرسل اللفظ ولم يقصد معينة، طلقت إحداهن مبهما ويعينها الزوج. ينظر: المبسوط للسرخسي (6/ 147)، محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي (المتوفى: 483هـ)، دار المعرفة – بيروت، ط: بدون طبعة، ت: 1414هـ - 1993م. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (3/ 225)، الأم للشافعي (5/ 280)، أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي القرشي المكي (ت: 204هـ)، الناشر: دار المعرفة – بيروت، الطبعة: بدون، ت: 1410هـ/1990م. الحاوي الكبير (10/ 279،278).
( ) إن لم ينو معينة أو نواها ونسيها. ينظر: المدونة (2/ 70)، المؤلف: مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني (المتوفى: 179هـ)، دار الكتب العلمية، ط: الأولى، ت: 1415هـ - 1994م، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (4/ 365).
( ) ينظر: المغني لابن قدامة (7/ 496)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (9/ 141).
( ) صورة المسألة: أن لو علق رجل طلاق زوجته بشرط كدخولها دار، ولكنه طلقها قبل أن تدخل أصلا لهذه الدار، فإما أن يكون هذا الطلاق الذي طلقها طلاقا بائنا وإما أن يكون رجعيا، فإن كان بائنا؛ فعند الحنفية والمالكية والأظهر عند الشافعية: أنه إذا رجع إليها بعقد جديد بعد ذلك فقد انحل الشرط، ولا يقع شيْ بدخولها تلك الدار المحلوف عليها، على خلاف وقوع ما دون الثلاث، فإنه لا يزيل الحل، فلا تنحل به اليمين المعلقة إلا بحصول الشرط فعلا مرة. وفي قول للشافعية وهو مذهب الحنابلة: أن الشرط باق مطلقا ولا ينحل بالطلاق رجعيا كان أو بائنا. ينظر: مختصر القدوري (ص: 156)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (2/ 234)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير = بلغة السالك لأقرب المسالك (2/ 557)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (2/ 375،376)، منهاج الطالبين للنووي (ص: 232)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (8/ 43)، المغني لابن قدامة (7/ 361)، كشاف القناع عن متن الإقناع (5/ 231).
( ) عند الحنفية: إن كانت حائضا أو في طهر جامعها فيه لم يقع الساعة فإذا حاضت وطهرت وقعت بها تطليقة. ينظر: تحفة الفقهاء (2/ 171)، محمد بن أحمد بن أبي أحمد، أبو بكر علاء الدين السمرقندي (المتوفى: نحو 540هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط: الثانية، ت: 1414 هـ - 1994 م. المبسوط للسرخسي (6/ 57)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير ط الحلبي (1/ 448)، الحاوي الكبير (10/ 123) المغني لابن قدامة (8/ 103).
( ) هذا عند الحنفية والحنابلة في رواية وأما عند المالكية: فمكروه نص عليه مالك، وفسره بعض أصحابه بأنه: يعني بالكراهة هنا التحريم، وليس محرما عند الشافعية وفي رواية الحنابلة الأخرى. ويقع عند الجميع. ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (3/ 88)، فتح القدير للكمال ابن الهمام (3/469،468)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (4/ 39)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (2/ 361) المجموع شرح المهذب (17/ 86) البيان في مذهب الإمام الشافعي (10/ 80)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (8/ 82)، المغني لابن قدامة (7/ 368)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (8/ 455).
( ) قسم الفقهاء الطلاق من حيث وصفه الشرعي إلى سني وبدعي والمقصود بالسني: ما وافق السنة في طريقة إيقاعه، والبدعي: ما خالف السنة في ذلك، وليس المقصود أن حكم الطلاق سنة، لما ثبت من النصوص المبغضة للطلاق، وأنه أبغض الحلال إلى الله تعالى. وتفصيله عند كل مذهب كالتالي:
قسم الحنفية الطلاق إلى: الطلاق سني وبدعي؛ والسني من حيث العدد ومن حيث الوقت، والبدعي كذلك، فالسني حسن وأحسن، فالأحسن: أن يطلق الرجل امرأته تطليقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه ولا في الحيض الذي قبله ولا طلاق فيه، والحسن: أن يطلق المدخول بها ثلاثا في ثلاثة أطهار، وطلاق البدعة: ما خالف قسمي السنة، وذلك بإن يطلقها ثلاثا بكلمة واحدة أو مفرقة في طهر واحد أو ثنتين كذلك أو واحدة في الحيض أو في طهر قد جامعها فيه أو جامعها في الحيض الذي يليه هو.
وقسم المالكية الطلاق إلى: سني وبدعي. وضابط السني: أربعة شروط: أن تكون المرأة طاهراً من الحيض والنفاس حين الطلاق، وأن يكون زوجها لم يمسها في ذلك الطهر، وأن تكون الطلقة واحدة، وألا يُتبعها الزوج طلاقاً آخر حتى تنقضي عدتها، وإلا فبدعي.
وقسم الشافعية الطلاق إلى ثلاثة أقسام: طلاق سنة، وطلاق بدعة، وطلاق لا سنة فيه ولا بدعة. فأما طلاق السنة فهو: طلاق المدخول بها في طهر لم تجامع فيه. وأما طلاق البدعة: فطلاق اثنتين الحائض والطاهر التي قد جومعت في طهرها أما الحائض فكان طلاقها بدعة؛ لأنها طلقت في زمان لا يحتسب به من عدتها وأما المجامعة في طهرها. فلإشكال أمرها هل علقت منه فلا يعتبر بالطهر وتعتد بوضع الحمل. أو لم تعلق منه فتعتد بالطهر. وأما التي لا سنة في طلاقها ولا بدعة فخمس: الصغيرة والميؤسة والحامل وغير المدخول بها والمختلعة.
وقسم الحنابلة الطلاق إلى: سني وبدعي: فالسني: أن يطلقها واحدة في طهر لم يصبها فيه، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها. والبدعي: وإن طلق المدخول بها في حيضتها، أو طهر أصابها فيه.
ينظر: فتح القدير للكمال ابن الهمام (3/ 468)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (4/ 38)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (2/ 361)، الحاوي الكبير (10/115،114)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (8/ 448).
( ) بخلاف الحنفية والمالكية، وقد اختلفت الرواية عن الإمام أحمد في جمع الثلاث؛ فروي عنه أنه غير محرم. اختاره الخرقي. والرواية الثانية، أن جمع الثلاث طلاق بدعة، محرم. اختارها أبو بكر، وأبو حفص. روي ذلك عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر. وهو قول مالك. ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (3/ 88)، فتح القدير للكمال ابن الهمام (3/469،468)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (4/ 39)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (2/ 361) المجموع شرح المهذب (17/ 86) البيان في مذهب الإمام الشافعي (10/ 80)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (8/ 82)، المغني لابن قدامة (7/ 368)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (8/ 455).
( ) يعني به: كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين - للإمام يحيى بن شرف الدين النووي- أحد كتب االشافعية المعتمدة لأحد أهم أعلام المذهب، وقد قال فيه فيما يخص هذه المسألة: (فإذا قال لها: إذا طلقتك، أو إن طلقتك، أو متى طلقتك، أو مهما طلقتك، فأنت طالق قبله ثلاثا، ثم طلقها، فثلاثة أوجه أحدها: لا يقع عليها طلاق أصلا، عملا بالدور وتصحيحا له، لأنه لو وقع المنجز لوقع قبله ثلاث، وحينئذ فلا يقع المنجز للبينونة، وحينئذ لا يقع الثلاث، لعدم شرطه وهو التطليق. والوجه الثاني: يقع المنجز فقط. والثالث: يقع ثلاث تطليقات، المنجزة، وطلقتان من المعلق. وقيل على هذا: يقع المعلقات دون المنجزة، قال الإمام: وهو بعيد، ثم الوجهان الأولان يجريان في المدخول بها وغيرها، وأما الثالث، فمختص بالمدخول بها، فإن غيرها لا يتعاقب عليها طلاقان) أ.ه. ينظر: روضة الطالبين (8/162).
( ) تسمى هذه المسألة بالمسألة السريجية: وهي من أكثر مسائل الطلاق اختلافا:
صورة المسألة: أن يقول الرجل لزوجته: إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا.
الأثر المترتب: فإن طلقها فما الحكم؟ هل يقع عليها الطلاق الذي واجهها به، أم يقع طلاق الثلاث المعلق؟ أم لا يقع شيء من الطلاق؟
سبب تسميتها: (نسبة لأحمد بن سريج الشافعي المتوفى سنة 306هـ) من أصحاب الطبقة الثالثة عند الشافعية قال عنه السبكي في طبقات الشافعية: أحمد بن عمر بن سريج القاضى أبو العباس البغدادي، الباز الأشهب والأسد الضاري على خصوم المذهب شيخ المذهب وحامل لوائه والبدر المشرق فى سمائه والغيث المغدق بروائه ليس من الأصحاب إلا من هو حائم على معينه هائم من جوهر بحره بثمينه انتهت إليه الرحلة فضربت الإبل نحوه آباطها وعلقت به العزائم مناطها وأتته أفواج الطلبة لا تعرف إلا نمارق البيد بساطها. وعدَّه بعض العلماء مجددَ القرن الرابع ، كما في ترجمته في "سير أعلام النبلاء".
وسبب نسبتها إليه: أنه أول من أفتى فيها بأنه لا يقع شيء من الطلاق، كما نسب إليه.
وأقوال الفقهاء فيها تلخصت في قولين:
القول الأول: لا يقع شيء من الطلاق، لا المُنَجَّز (وهو الطلاق الحالي المباشر)، ولا المعلَّق (وهو طلاق الثلاث). وهذا اختيار ابن سريج الشافعي، وتابعه كثير من فقهاء الشافعية عليها، وجمع من الحنفية، بل وعزاه في "فتح القدير" إلى أكثر الحنفية، وقول عند الحنابلة. وقال ابن عابدين في حاشيته بعد الكلام عن تفصيلات المسألة: وقدمنا ما يفيد أن الخلاف ثابت عندنا أيضا والله أعلم. أ.هـ. قال في الإنصاف: وقيل: لا تطلق مطلقا، قاله بعض الأصحاب. أ.ه.
القول الثاني: وقوع الطلاق، وعدم اعتبار هذا " الدَّوْر " دورا صحيحا، وهو قول المالكية، والحنابلة، وجماعة من الحنفية والشافعية، وجمع من الفقهاء. على خلاف بينهم في عدد الطلقات الواقعة. ينظر: سير أعلام النبلاء (14/201)، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى : 748هـ) تحقيق: مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، ط: الثالثة ، 1405 هـ / 1985 م. طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (3/ 21)، تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي (المتوفى: 771هـ) تحقيق: د. محمود محمد الطناحي و د. عبد الفتاح محمد الحلو، هجر للطباعة والنشر والتوزيع. ط: الثانية، ت: 1413هـ. فتح القدير للكمال ابن الهمام (4/ 30)، "البحر الرائق" (3/255، 293) "حاشية رد المحتار" (3/229-230)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (4/ 64)، "شرح مختصر خليل للخرشي" (4/52)، منهاج الطالبين وعمدة المفتين في الفقه (ص: 238)، روضة الطالبين (8/162)، أسنى المطالب في شرح روض الطالب (3/ 319).
( ) وقد سبق الكلام عن تقسيم الفقهاء لأنواع الطلاق عند الكلام عن التعليق في الطلاق في المسألة الثانية من هذا كتاب الطلاق.

( ) وحكي الإجماع. جاء في موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي: ألفاظ الكناية في الطلاق لا تقع إلا بالنية: فإذا وقع الطلاق بلفظ من ألفاظ الكناية فلا بد فيه من النية، ونقل الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم. وممن حكى الإجماع:
1 - الكاساني (ت: 587 هـ) حيث قال: "ولا خلاف أنه لا يقع الطلاق بشيء من ألفاظ الكناية إلا بالنية".
2 - الرافعي (ت: 623 هـ) حيث قال: "وكما يقع الطلاق بالصريح، يقع بالكنايات مع النية، بالإجماع". ينظر: موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (3/ 512) إعداد: د. أسامة بن سعيد القحطاني، د. علي بن عبد العزيز بن أحمد الخضير، د. ظافر بن حسن العمري، د. فيصل بن محمد الوعلان، د. فهد بن صالح بن محمد اللحيدان، د. صالح بن عبيد الحربي، د. صالح بن ناعم العمري، د. عزيز بن فرحان بن محمد الحبلاني العنزي، د. محمد بن معيض آل دواس الشهراني، د. عبد الله بن سعد بن عبد العزيز المحارب، د. عادل بن محمد العبيسي، دار الفضيلة للنشر والتوزيع، الرياض - المملكة العربية السعودية، ط: الأولى، ت: 1433 هـ - 2012 م. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (3/ 106) (4/ 235)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (3/ 322)، العزيز شرح الوجيز" (8/ 515)، عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم، أبو القاسم الرافعي القزويني (المتوفى: 623هـ)، تحقيق: علي محمد عوض - عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط: الأولى، ت:1417 هـ - 1997 م. الحاوي الكبير (10/ 33)، نهاية المطلب في دراية المذهب (13/ 349)، عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني، أبو المعالي، ركن الدين، الملقب بإمام الحرمين (المتوفى: 478هـ)، حققه وصنع فهارسه: أ. د/عبد العظيم محمود الدّيب، دار المنهاج، ط: الأولى، ت: 1428هـ-2007م، روضة الطالبين وعمدة المفتين (8/ 32)، الكافي في فقه الإمام أحمد (3/ 121)، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قدامة المقدسي (المتوفى: 620هـ)، دار الكتب العلمية، ط: الأولى، ت: 1414 هـ - 1994 م. الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (8/ 494).
( ) عند المالكية: الكناية على ضربين: قال الصاوي في بلغة السالك: وحاصل القول في الكناية أنها قسمان: ظاهرة وهي ما شأنها أن تستعمل في الطلاق وحل العصمة، وخفية وهي ما شأنها أن تستعمل في غيره. والضابط في الظاهرة على ما يؤخذ من كلامهم في غير واحدة بائنة أن اللفظ إن دل على قطع العصمة بالمرة لزم فيه الطلاق الثلاث في المدخول بها وغيرها، ولا ينوى، وذلك ك: بتة، و: حبلك على غاربك، ومثلهما: قطعت العصمة بيني وبينك، و: عصمتك على كتفك أو على رأس جبل ونحو ذلك، وإن لم يدل على ذلك بل دل على البينونة. والبينونة لغير خلع ثلاث في المدخول بها، وصادقة بواحدة في غيرها. فإن كان ظاهرا فيها ظهورا راجحا فثلاث في المدخول بها جزما كغيرها ما لم ينو الأقل، ك: حرام، و: ميتة، و: خلية، و: برية، و: وهبتك لأهلك وما ذكر معها، وإن كان اللفظ ظاهرا في البينونة ظهورا مساويا فثلاث مطلقا إلا لنية أقل، ك: خليت سبيلك وإن كان مرجوحا لزمه الواحدة ما لم ينو أكثر ك: فارقتك. وأما: سائبة، أو: ليس بيني وبينك حرام ولا حلال، فهذا من قبيل: وجهي من وجهك حرام، و: ما أنقلب إليه من أهل حرام وهو ثلاث في المدخول بها، وينوى في غيرها، فإن لم يكن له نية فهل يحمل على الثلاث لأنه الأصل في البينونة؟ فيكون من قبيل: كالميتة وأنت حرام وبائن فلا يحمل في غير المدخول بها على الأقل إلا إذا نواه وهو ظاهر ما لأصبغ، أو يحمل على الواحدة إلا لنية أكثر؟ والأول أظهر والله أعلم هذا كله في الكناية الظاهرة.
وأما الكناية الخفية فأشار لها بقوله: (و) نوي (فيه) : أي في أصل الطلاق، (وفي عدده في) كل كناية خفية توهم قصد الطلاق نحو: (اذهبي وانصرفي) وانطلقي، (أو) أنا (لم أتزوج، أو قيل له: ألك امرأة؟ فقال لا، أو) قال لها: (أنت حرة أو: معتقة أو: الحقي بأهلك) ، فإن ادعى عدم الطلاق صدق، وإن ادعى عددا واحدة أو أكثر صدق، فإن ادعى أنه نوى الطلاق ولم ينو عددا لزمه الثلاث في المدخول بها وغيرها. (وعوقب) الآتي بهذه الألفاظ الموجبة للتلبيس على نفسه وعلى الناس. (وإن قصده بكلمة) كاسقني (أو صوت) ساذج (لزم) وهذا من الكناية الخفية عند الفقهاء، وإن لم يستعمل في لازم معناه. (لا) يلزم (إن قصد التلفظ به) : أي بالطلاق، (فعدل لغيره غلطا) كما لو أراد أن يقول: أنت طالق، فالتفت لسانه بقوله: أنت قائمة، قال مالك: من أراد أن يقول: أنت طالق، فقال: كلي أو اشربي فلا يلزمه شيء أي لعدم وجود ركنه وهو اللفظ الدال عليه أو غيره مع نيته، بل أراد إيقاعه بلفظه، فوقع في غيره. أ.ه.
إذن: فيشترط المالكية النية في الكناية الخفية، ولا يشترطونها في الظاهرة. والفرق بين اللفظ الصريح والكناية الظاهرة والخفية عند المالكية: أن الكناية الظاهرة كاللفظ الصريح في عدم الاحتياج للنية، ويفترقان من جهة أن الصريح لا ينصرف للغير ولو بالنية، بل بالبساط والقرينة، وأما الكناية الظاهرة فتنصرف عنه للغير بالنية أو القرينة، والكناية الخفية: ما لا تنصرف له إلا بالنية. ينظر: الشرح الكبير للدردير (4/362،365)، منح الجليل (4/43)، محمد بن أحمد بن محمد عليش، أبو عبد الله المالكي (المتوفى: 1299هـ)، دار الفكر – بيروت، ط: بدون طبعة، ت: 1409هـ/1989م. حاشية الصاوي على الشرح الصغير بلغة السالك لأقرب المسالك (2/ 566).

منشور

2021-02-02